هيا انهضي .. محمد عبد القادر


قد قلتُ قبلُ بأنَّ مصرَ تخلصتْ ... من سطوة الجلادِ والسجانِ
لكنها ثَكلى وتنعى حالها .. ودماءَها وكرامةَ الإنسانِ
وتضمِّدُ الجرحَ العميقَ بصدرها .. ودموعُها تنهالُ كالطوفانِ
عذراً بلادي إننا لم نستفق .. من غفلةِ الأوهام والهذيانِ
عذراً بلادي فالضجيج أصمَّنا .. وعمى عيوناً عن صنيعِ جبانِ
خانَ الذين بصدقهم وثِقوا به ..
بعفوِهم أعطَوْه كلَّ أمانِ
قتلَ الطفولةَ والبراءةَ واحتسى .. كأسَ الدماءِ بصحبةِ الشيطانِ
عرّى صدوراً واستباحَ محارماً .. حرق الحشودَ بوابلِ النيرانِ
"فرِّق تسُد" كانت له دستورَه .. كي يستمرَّ بمنصبِ السُلطانِ
زرعَ المفاتنَ في البلادِ بأسرِها .. ويعيثُ إفساداً بكلِّ مكانِ
حرق الحضارةَ، والمساجدُ دنِّسَتْ .. في عهدِهِ بجنودهِ الصِّبيانِ
كانوا قديماً خيرَ جندٍ في الورى .. والآنَ بعضُهمُ بلا إيمانِ
لا يسمعونَ سوى أوامرَ صارمة .. بالقتلِ أو بالضربِ دون هوانِ
حجبوا السماءَ بغازِهم ورصاصُهم .. قد زارَ أعينَنا بلا استئذانِ
نقضوا العهودَ، وكلُّ ناقِضِ عهدِهِ .. حتماً تُصبْهُ عقوبةُ الرحمنِ
إن لم يكن فوقَ الترابِ فتحتَهُ .. أو في جهنَّمَ مهدِ كلِّ جبانِ
عذراً بلادي لا تلومي جهلَنا .. هانحن قد عدنا إلى الميدانِ
أدّي التحيَّةَ يا بلادي واكتبي .. أسماءَ شهداءٍ على الجدرانِ
وتوضأي بدموعنا وتقدمي .. أُمِّي الصلاةَ لهذهِ الأكفانِ
لولاهمُ ما كانَ فجرُكِ بازغاً .. لولاهمُ ما حُرِّرَتْ أوطاني
لا تقلقي لا لن نعودَ بحالِنا .. للخلفِ رغمَ قساوةِ الطغيان
لا لن نعودَ إلى المهانةِ مطلقاً .. رغمَ الجراحِ وقسوة
العدوانِ
هيا انهضي، قولي وداعاً للضِّنى .. واستقبلي فجراً بلا أحزان

تعليقات