قصيدة (حوارية في مقام الليل) للشاعر محمد محمود البشتاوي



إضاءَةْ :

"وقالَ لي : الحرفُ يَسْري جيثُ القَصْدْ، جيمُ جَنَّةْ، جيمُ جحيمْ "!.
" النفرّي "

استهلال :
بيني وبيني ثَمَّةَ حوارٌ لا يَنْتَهي ..
*
الأسئِلةُ بلا أَجْوِبَةْ
في البِدْءِ .. وفي الخاتِمَةْ :
وأَجْوِبَةُ لغيرِ هذا السُّؤالْ.
تطولُ القائِمَةْ / القائِمَةُ القاتِمَةْ .
يَطولُ الحوارُ .. ويَنْتَهي ..
وَيَضِيْعُ المَعْنى في اللا شَيءْ !.

أَوْقَفَني في اللا شَيءْ،
أيْقَظَني .. وقالَ لي :
بِقُرْبِكَ تَبْتَعِدُ المَسافَةُ !
فـ ابتعدْ عن حدودي
حتى تغيبَ عن ناظِرَيَّ ؟
قُلْتُ : لماذا ؟!
قالْ :
بِقُرْبِكَ .. تغيبُ تَفاصيُ قَلْبِكَ عَنِّي ..
ابتَعِدْ !
حتى أراكَ بِـ قُرْبي،
حتى تكون جِواري أو
حتى تكونَ كـ ظِلِّي...
ابتعدْ !
حتى تَمْنَحَ قلبي نَبْضَةً في غيابِكَ ..
ابتَعِدْ !
آنَ أن نَتَّحِدْ !.

وقالَ لي :
سَـ نَطْوي المَسافَةَ ..
كما تَطْوي الحمامةُ جَناحَيْها،
وأنتَ الغريبُ كَـ قَلبي،
القريبُ بـ قُرْبي، البعيدُ كـ دَرْبي،
وأنتَ الدليلُ كـ بوصَلَةٍ في متاهاتِ الظَّلامْ !.


*
وقالَ لي :
سَيَتَّحِدُ التناقُضُ كما زَوْجَيْنِ في لِباسٍ ..
وتَبْقى وحيداً ..
وئيداً تَجُرُّ الخُطى ..
.. .. .. ..
قلتُ :
وَأَنا التاقُضُ :
ماءٌ خُطايَ .. وَدَرْبي لهيبٌ وَنارْ !.
*
وقالَ لي :
ما أنتَ بِمُدْرِكٍ لنورِ الحقيقَةِ قَطْ
ما دُمْتَ تُبْصِرُ في القَفارِ :
جَيْشاً يُدَجَّجُ بـ الظَّلامْ

وقالَ لي :
يمضي الزَّمانُ
كما يَمضي الرُّمْحُ
في صَدْرِكَ الغَضْ !.
*
وقالَ لي :
لستَ بِمُدْرِكِ الآتي
إذا جاءَ القَدَرْ ..

وقال :
لا تمنحْ خُطاكَ للماضي
فَـ كُلُّ "ما كانَ" انْدَثَرْ ..
وقال :
آنَ أنْ تَمْضِي
لتقضي ..
ما تَبَقَّى من سَفَرْ.
*
وقالَ لي :
لا تَبْكِ من ماتوا
وابْكِ موتَكَ الآتي !.
*
وقالَ لي :
لن تَحْوِيَ الأرْضَ
بِخُطاكَ
والقَبْرُ مأواكَ
وما مِنْ أَحَدٍ
سَيَسْكُنُهُ سِواكَ !.

وقالَ لي :
لا تَدَعْ للشَكِّ مكاناً
كي تَظَلَّ يقيناً بقلبي.
*
وقالَ لي :
القلبُ شَلالٌ من الأشواقِ يَنْهَمِرُ.
*
وقالَ لي :
كُلُّ الطُّرقِ الوَعِرَةِ تُذَلَّلُ وتنبَسِطُ أمامَ خُطاكَ
..... ...... .....
وعورةُ القلبِ تُدْمي،
كـ العَوْسَجِ يَبْقى لِيُذْهِبَ
ما يَنْفَعُ النَّاسْ.
*
وقالَ لي :
البُكاءُ لُغَةُ التّقاسُمِ
بينَ التَّضادْ !.
*
وقالَ لي :
للبحرِ سِرٌّ لا يعلمهُ
إلا من غاصَ فيهْ !.
*
وقالَ لي :
الهُلامِيُّ من تعددت أشكالهُ
فضاعَ شَكْلُهُ الأوَّلْ !.

وقالَ لي :
لا تُعِرْ وَجْهَكَ لأَحَدٍ
فهوَ دليلُ الناسِ إليْكْ !.
وقال :
لا أنتَ .. أنتَ
ولا هذا الزّمانُ كما تشاءْ
ارحلْ فما نَفْعُ البُكاءْ !.
*
وقالَ لي :
في حُلْكَةِ الليلِ يُحاصِرُكَ الظَّلامُ من
كلِّ صوبٍ،
وتبقى وحيداً مُحاصرْ، لا تُبصِرُ في هذا
الظلامِ إلا خُطاكَ ..
[من الظلامِ إلى الظَّلامِ تَمْضي، وما كُنْتَ فَظًّا
وما كانَ لَكْ
وَهُمْ قَد أداروا خُطاهم، وساروا إلى حيثُ تدري
وهم قد أرادوا خُطاهم لتمضي .. ، وما كانَ أن
يتركوكَ وحيداً لـ تحيا، وما كانَ لَكْ
لتبقى وحيداً مُحاصَرْ،
وأنتَ الضِّياءُ
وهذا الظَّلامُ إليهِم يسيرُ
وما كانَ لَكْ ، وما كانَ لَكْ
وها هُمْ أعادوا خُطاهُمْ إليكَ / إليْكَ أعادوا
كلَّ ما هلك، كلَّ ما هَلَكْ ..
وما كانَ لَكْ ، وما كانَ لَكْ !].
*
وقالَ لي :
ما تراهُ عَدَماً أراهُ وُجوداً
فـ أينَ أنتَ
إني لا أراكْ !.
.. .. .. ..
وقال :
هل أنتَ هُنا ؟!.

المصدر جورناليزم http://ift.tt/2gZYlvI

تعليقات